يا مسرى الرسول
يا زهرَة المدائن, إن العالم بعد السابع من اكتوبر ليس كسابقهِ, سَيُكتب ويُسطر التاريخ هذه المرة ليس بأحبار المؤرخين ولكن بدماء اطفال ونساء و اطباء وممرضين ومسعفين اهل فلسطين. ويبدو اننا الآن لا نحتاج لتوثيق التاريخ على الورق, بل نحن أمام عصر يُخلد التاريخ فيه بالصوت والصّورة, موثقاً بأدق الأجهزة من مختلف الشاشات والعدسات.
يا قدسُ, عيوننا إليك ترى كل يوم المجازر والابادات بأبشع انواعها على الهواء مباشرة وعلى مرآى ومسمع الجميع حتى اوشكنا نحنُ ان نعتاد عليها وكأن قلوبنا اصبحت من حجر بل حتى الحجر لو عاين ذلك لفاض بالدموع دماً.
يا اولى القبلتين ويا ثالث الحرمين, انّ وعيّ شُعوب العالِم اجمع قد استيقظ الآن من سُباته العميق بمُختلف اطيافهم وعقائدهم. فقد خيّم اليأس شعوب العالم اجمع, منهم من فقد قيمة العيش والحياة, ومنهم من هُم على مشارف دخول مرحلة الاكتئاب نفسياً, ومنهم من فقد لذة الانجاز والحياة وهم يرون اقرانهم من الاطفال والنساء والرجال يستغيثون لدخول شاحنات المساعده الشحيحة التي لا تحمل سوى اكناف!.
يا مسرى الرسول, ان طاقة اليأس والعجز تحوّلت الآن الى طاقة قوة ودافع في توحيد العالم وليس مقتصرة فقط على المسلمين والعرب, حيث توّحد العالم في الدّعوة الى التحرر من شراء منتجات الشركات الداعمة للكيان الصهيوني بقدر الامكان أو بما يُعرف بالمقاطعة.
لأجلك يا بهيّة المساكن, استذكر سابقاً وقبل سبع سنوات تقريباً اثناء دراسة البكالوريوس في الخالدية سابقاً كانت لديّ زميلة استذكرها بالخير تُدعى “منال غلّاب”, كنّا عندما نجلس في الكافتيريا, كانت منال تمتنع من شراء الأكل من احدى الكافيهات والسبب يعود لدعمه للكيان الصهيوني, وكنتٌ اتسائل ونتحاور حينها بأن معظم المنتجات تُنسب لهم, ما فائدة مقاطعة منتج واحد وترك البقية؟ لكنها كانت مستمرة بعزيمة واصرار على المقاطعة. ونَعم في السابق لم تكن المقاطعة جماعية بل كانوا اقل من القلّة. ولكنّ اليوم اصبحنا جميعنا نسير على خطى منال حتى اثمرت جهودنا في هبوط اسهم ومبيعات تلك الشركات الداعمة. يا ليتنا اتبعنا نهج منال مبكراً لربما كنا قد منعنا المجازر والابادات الراهنة.
لأجلك يا مدينة الصلاة, ان كنتم تعتقدون ان المقاطعة مؤقته و سنعود لسابق عهدنا واستهلاكنا لا سمح الله, لا بل على العكس تماماً, ان المقاطعة أصبحت الآن منهج حياة, وأدنى ما يمكن ان يعبّر به اللإنسان عن موقفه الأخلاقي والانساني تجاه اهل غزة. وهنا تقع المسؤولية على عاتق التجار والوكلاء المحليين لإستبدال الشركات الداعمة للكيان الصهوني ببدائل وطنية او الاستحواذ على حصص الشركات الأم في مختلف القطاعات التجارية, فزمن استبعادهم لنا في استخدام العلامة التجارية قد مضى وحان زمن التحرر والاستحواذ عليها وخلق شركات محلية داعمة لقضيانا.
وختاماً نستودع الله بيت المقدس وأهل غزة وكُل فلسطين, اللهم كن لهم عوناً ونصيراً يا رب العالمين, ولا حول ولا قوة الا بالله.